تركيا تواصل استهداف الصحافيين على الرغم من تفشي الوباء
مثل معظم دول العالم، تعاني تركيا بشدة من انتشار فيروس كورونا. حيث ارتفع معدل الإصابة بالفيروس في تركيا إلى الأسرع في العالم، وفقًا لتقرير صادر عن الغارديان في 7 أبريل.
ولكن على الرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح والأزمة الاقتصادية العميقة، يبدو أن هناك مجالًا واحدًا لا تبطئ فيه الحكومة التركية من حركتها أبدًا: وهو قمع الصحافيين المنتقدين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
يتم توجيه الاتهام لهؤلاء الذين تستهدفهم الحكومة بسبب تقاريرهم الإخبارية أو تصريحاتهم أو منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بـ "إثارة الخوف والذعر بين الجمهور"، وقد تؤدي هذه الجريمة إلى عقوبة بالسجن من سنتين إلى أربع سنوات، وفقًا للقانون الجنائي التركي.
وفي 18 مارس، اعتقلت الشرطة اثنين من الصحافيين في مدينة بارتين - أحمد أوكتاي وإرين ساريكايا - بعد أن أبلغا عن إصابة طبيب محلي بفيروس كورونا. وأكد مكتب محافظ المدينة النبأ. لكن الصحافيين اتهموا "بإثارة الذعر والخوف بين الجمهور".
كما تم فتح تحقيق ضد أحمد كانبال، مراسل وكالة أنباء ميزوبتاميا، والذي يواجه نفس التهمة، بعد أن أصدر تقريرًا إخباريًا بشأن مستشفى في مدينة ماردين حيث تم الاحتفاظ بالأطفال الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس في نفس الجناح مع أولئك الذين كانت نتائجهم سلبية. أدلى كانبال بتصريحه للشرطة في 1 أبريل.
ومن بين الصحفايين الآخرين الذين تم استدعاؤهم للاستجواب حول منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو التقارير الإخبارية حول الفيروس هم كاتبة العمود في "أحوال" المقيمة في ديار بكر، نورجان بايسال، والصحافي المقيم في مدينة فان، أوكتاي كانديمير.
وفي 3 أبريل، تم القبض على هاكان أيغون، رئيس التحرير السابق لتلفزيون "خلق تي في" المرتبط بالمعارضة، بتهمة "التحريض على الكراهية بين الناس" و "إهانة القرآن" بعد أن نشر تغريدة تتلاعب ألفاظ آية في القرآن، وانتقد كذلك حملة التبرع الوطني التركية التي أعلن عنها الرئيس رجب طيب أردوغان. تم سجن أيغون منذ ذلك الحين في سجن موغلا.
واجه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا ضغطًا متزايدًا خلال جائحة فيروس كورونا. ووفقاً لوزارة الداخلية، اعتقلت الشرطة في الفترة من 11 إلى 20 مارس فقط، 64 من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بسبب "منشوراتهم الاستفزازية التي لا أساس لها فيما يتعلق بفيروس كورونا". وأعلنت الوزارة أن الاعتقالات ستستمر.
وقالت غولنوزا سعيد، منسقة برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في لجنة حماية الصحافيين، لـ "أحوال" "إن حملة القمع التي تشنها تركيا على وسائل الإعلام - كلا من وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي - تتصاعد لسنوات".
وقالت إن القضاء يعرض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام للترهيب القانوني بسبب إثارتهم قضايا أو التعبير عن آراء تختلف عن السرد المعتمد رسميا.
وأخبرت أحوال "لقد أخافوا العديد من الصحافيين الذين لا يريدون السير على خط الحكومة بشأن فيروس كورونا، وبالتالي أشاروا إلى العديد من الآخرين أن هذا النوع من السلوك لن يتم التسامح معه، وأن أولئك الذين ينتهكون تلك القواعد غير المعلنة سيخضعون للعقاب".
ومنذ عام 2014، كانت تركيا الدولة التي أصدرت معظم الطلبات لتويتر لإزالة المحتوى. وفي بعض الأحيان، وافق تويتر على هذه الطلبات وحظر المحتوى أو أزاله، ولكن في معظم الأحيان لم يفعل ذلك.
والآن، قامت تركيا بصياغة قانون جديد كجزء من إجراءات احتواء الفيروس الذي يتطلب من وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تويتر، أن يكون لها مكاتب تمثيلية داخل تركيا. وقالت سعيد "هذه بالطبع محاولة للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي".
كما انتقدت سعيد التشريع الذي صاغه حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا للعفو المقترح عن السجناء. حيث في حين أن التشريع يمكن أن يشهد إطلاق سراح حوالي ثلث السجناء في البلاد البالغ عددهم حوالي 300 ألف سجين من أجل تخفيف الضغط على السجون المكتظة واحتواء انتشار فيروس كورونا، إلا أن مشروع القانون يستثني الصحافيين وغيرهم من منتقدي الحكومة - الذين سجنوا بسبب صلاتهم بالمنظمات الإرهابية بحسب زعم تركيا - من الإفراج.
وتعد تركيا واحدة من أسوأ الدول التي تعامل مع صحافييها في العالم منذ سنوات عديدة. فهناك عشرات الصحافيين قابعين في السجون، بعضهم في السبعينيات مثل أحمد ألتان. يعاني العديد، بمن فيهم السجناء الصغار في السن، من مشاكل صحية متعددة.
سيسمحون بالإفراج عن العديد من المجرمين، لكنهم سيبقون الصحافيين الأبرياء خلف القضبان. وأشارت سعيد إلى أن هذا أمر غير مقبول ويجب أن يتغير. وقالت "إن أفضل طريقة لمكافحة انتشار الفيروس هي من خلال العقول المطلعة، وأسوأ استراتيجية هي محاولة إخفاء الحقيقة ومعاقبة من ينطقون بها".
وفي الوقت نفسه، وحتى أولئك الذين فقدوا أحبائهم في الآونة الأخيرة تعرضوا للاحتجاز والترهيب من قبل السلطات. تم اعتقال واستجواب ثلاثة من سكان مدينة غازي عنتاب قاموا بتصوير ونشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي حول الحفر المزعوم للمقابر الجماعية لضحايا فيروس كورونا المحليين.
واحدة من المتهمين هي سايم دلزيزأوغلو، التي نشرت مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي قالت فيه إن حماتها توفيت بسبب فيروس كورونا في 27 مارس ودفنت في قبر جماعي تم حفره حصريًا لضحايا الفيروس. وقد رفض مكتب محافظ المدينة هذه المزاعم، ووضعت السلطات اثنين من المتهمين قيد الإقامة الجبرية في 29 مارس على أساس أنهم "تسببوا في نشر الخوف والذعر بين الناس".
وأخبر نيت شينكان، مدير الأبحاث الخاصة في "فريدوم هاوس"، "أحوال" أن الحكومة التركية تستخدم باستمرار سلطاتها في التحقيق والادعاء لإسكات المنتقدين، وأن أزمة فيروس كورونا ليست استثناءً.
وقال "إن استهداف الأفراد بسبب تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى للتعليقات التي يبدونها في الأماكن المهنية التي نشرها أشخاص آخرون على وسائل التواصل الاجتماعي، له تأثير مروع. هذا أمر خطير في وقت تكون فيه الشفافية والمساءلة وتبادل المعلومات الدقيق مسألة تتعلق بالصحة العامة العاجلة".
وأضاف شينكان "إن هذه الحوادث هي استمرار للسياسات القائمة التي تكثفها الحكومة التركية منذ سنوات عديدة. إن السلطوية لا تشهد الآن ارتفاعاً في تركيا، ولكنها تزايدت وارتفعت بالفعل".
يمكن قراءة المقال باللغة الإنكليزي أيضا: