كيف ردّ الإسرائيليون على إدانة البرلمان التركي لخطة السلام الأميركية؟

في الثامن والعشرين من شهر يناير الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة سلام تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار - رؤية لتحسين حياة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي".

وكانت الإدانة الفورية هي رد فعل البرلمان التركي على تلك الخطة. فجميع الأحزاب الخمسة في البرلمان التركي وقعت إعلانا مشتركا يدين خطة الرئيس الأميركي التي تهدف في الواقع إلى "تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في تقرير المصير".

ويقول الإعلان المشترك الصادر عن البرلمان التركي إن الخطة الأميركية "تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة ورؤية حل الدولتين"، متهما إياها "بالسعي لتحويل احتلال فلسطين إلى ضم للأراضي (من جانب إسرائيل)".

ووصف المشرعون خطة السلام بأنها "خطة لزعزعة الاستقرار والصراع"، وقالوا إنها "استبعدت الفلسطينيين، أحد طرفي النزاع بين إسرائيل وفلسطين".

وأشار الإعلان إلى أن تركيا لن تؤيد أبدا أي مبادرة "تتجاهل الحقوق والحريات الأساسية للفلسطينيين".

تتألف الخطة الأميركية من 181 صفحة، قدم فيها الرئيس الأميركي رؤيته "لاتفاق سلام شامل بين إسرائيل والفلسطينيين"، وتدعو إلى "حل واقعي قائم على أساس دولتين"، الأمر الذي يعني مساعدة الفلسطينيين على إقامة دولة مستقلة لهم.

وقال الموقع الإلكتروني الرسمي للبيت الأبيض إن الهدف من إطار خطة السلام هو أن يكون "أساسا للمفاوضات، وستكون الإمكانات المتاحة للإسرائيليين والفلسطينيين وللمنطقة غير محدودة".

ووفقا للإطار السياسي لخطة السلام، "يستحق الفلسطينيون والإسرائيليون على السواء مستقبلا يتمتع بالسلام والازدهار. ومن شأن الحل القائم على أساس دولتين أن يحمي أمن إسرائيل ويحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ويضمن للجميع إمكانية زيارة الأماكن المقدسة في القدس بشكل لائق".

وردا على ذلك، ندد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالخطة الأميركية في الأمم المتحدة، واصفا إياها بأنها "صفقة أميركية-إسرائيلية استباقية جاءت لتصفية القضية الفلسطينية".

ثمة استطلاع للرأي نشر المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية نتائجه في الحادي عشر من شهر فبراير الماضي، والتي أظهرت أن موقف عباس لقي تأييدا واسعا بين الفلسطينيين، وأيّد نحو الثلثين "اللجوء للعمل المسلح" ضد إسرائيل.

وقد عرض البروفيسور هليل فريش، الأستاذ بقسم الدراسات السياسية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، خلفية تاريخية عن رفض الفلسطينيين لخطط سابقة للسلام وحلول قائمة على أساس دولتين.

فيقول البروفيسور فريش لموقع (أحوال تركية): "الإدانات قليلة القيمة، وعلى مر التاريخ كانت تأتي على حساب الفلسطينيين. لقد أدان العرب ومعظم المسلمين خطة التقسيم في العام 1937 (لجنة بيل)، والتي عرضت على العرب أكثر من 80 في المئة من الأرض. وبعد عشر سنوات، أدان العرب ومعظم العالم الإسلامي خطة التقسيم الصادرة في العام 1947، والتي عرضت على الفلسطينيين دولة عربية تضم حوالي 40 في المئة من الأرض. لم يجنِ الفلسطينيون بعد كل جولة إدانة سوى الخسارة. ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه".

وأضاف: "الأحزاب التركية هي مثال آخر على أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم من لم يضيعوا قط مناسبة واحدة كي يفوتوا على أنفسهم الفرصة (في تحقيق مكاسب) – فأولئك الذين يُفترض أنهم حلفاؤهم كانوا وما زالوا سعداء للغاية بحثهم على فعل ذلك".

آثرت وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية رسم خطة السلام في صورة سلبية للغاية. كما وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطة السلام بأنها "مشروع احتلال"، قائلا: "القدس ليست للبيع".

يقول إيتامار رابينوفيتش، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة والأستاذ الفخري المختص بتاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، لموقع (أحوال تركية): "تخضع تركيا لهيمنة رئيس إسلامي شديد العداء لإسرائيل ومؤيد للفلسطينيين، بل وبشكل أكثر تحديدا داعم لحركة حماس.

وأضاف رابينوفيتش: "بالنظر إلى حالة العلاقات التركية الأميركية، وفي ضوء دعم تركيا للفلسطينيين وعلاقتها المتوترة مع إسرائيل، فإن هذا الإعلان الذي يدين خطة السلام الأميركية ليس مفاجئا".

وقال الميجور جنرال غيرشون هاكوهين، الذي خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة 42 عاما، لموقع (أحوال تركية) إن الشعب اليهودي لا يعتبر إقامة دولة في إسرائيل مجرد مسألة "أمن".

وأضاف: "هذه قضية وطن بالنسبة للشعب اليهودي. عندما عاد أجدادي إلى هذه الأرض، التي كانت آنذاك تحت الحكم العثماني، لم يأتوا هنا لمجرد ‘الأمن‘. لسنا هنا من أجل الأمن فحسب. فالأمن مطلوب لليهود في الشتات. هدفنا الرئيسي هنا هو إقامة وطن يهودي، وطننا القديم".

وعبر هاكوهين عن اعتقاده بأن العلاقات بين إسرائيل وتركيا يمكن أن تتحسن، قائلا: "لقد زرت تركيا من قبل، وحظيت بقدر كبير من الاحترام وحسن الضيافة. في السنوات الأخيرة، تدهورت العلاقات بين تركيا وإسرائيل، ولكن يمكننا بناء مستقبل أفضل قائم على روابطنا الثقافية المشتركة".

في السادس من شهر يناير الماضي، اتهمت صحيفة (إسرائيل اليوم) حكومة أردوغان بالانخراط في أنشطة توسعية عثمانية جديدة في إسرائيل، ونشرت بعضا من هذه الأنشطة المزعومة في قصة تحت عنوان "جهاد أردوغان الصامت".

وقالت الصحيفة إن "جهود تركيا الرامية لإعادة ‘أيام مجد‘ الإمبراطورية العثمانية تمتد إلى ما هو أبعد بكثير من استغلال النفوذ في القدس أو على جبل الهيكل (التسمية التي يطلقها اليهود على الحرم القدسي). تنفق تركيا الأموال في حيفا وبين البدو وحتى في المدن المختلطة التي تجمع بين اليهود والعرب في محاولة لتعزيز وضعها ودعم القضية الفلسطينية".

وأضاف "بينما ينصب تركيز الأتراك الأساسي على القدس، إلا أنهم ينشطون في جميع أنحاء البلاد، واهتماماتهم في يافا وغيرها من المراكز التي يقطنها العرب تتجاوز حد الاعتبارات السياحية أو الثقافية".

وتقول روشيل سيلفتسكي، كاتبة الرأي في موقع (إسرائيل ناشيونال نيوز) الإلكتروني الناطق باللغة الإنكليزية، لموقع (أحوال تركية) إن أردوغان قوض الديمقراطية في تركيا وأضعف اقتصادها، وأظهر أن الإسلام والديمقراطية لا يمكنهما على ما يبدو التعايش مع بعضها البعض.

وقالت سيلفتسكي: "العلاقات مع إسرائيل تدهورت في الوقت الذي طورت فيه تركيا علاقاتها مع العالم العربي بدلا من أوروبا، وبلغت مستوى متدنيا بعد عملية الجيش الإسرائيلي في غزة في العام 2008".

وأضافت: "الإسرائيليون الذين استمتعوا بقضاء العطلات في تركيا في تسعينات القرن العشرين، أصيبوا بالصدمة من التحول السريع إلى العداء مع دعم الرئيس التركي أردوغان لحركة حماس علانية. كذلك محاولات أردوغان الرامية للتعاون مع إيران تشكل عقبة أخرى أمام قبول خطة السلام الأميركية".

 

يُمكن قراءة المقال باللغة الإنجليزية أيضاً:

https://ahvalnews.com/israel-turkey/israelis-respond-turkish-parliaments-condemnation-us-peace-plan
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي المؤلف ولا تعكس بالضرورة رأي أحوال تركية.
This block is broken or missing. You may be missing content or you might need to enable the original module.